تخطى إلى المحتوى

لون وولف

ثلاث ملاحظات سجلتها ذاكرتي تحت صورة الفتى الذي قابلته مرة واحدة في طفولتي: لا يشبه الذئب إطلاقا مع إن اسمه ذياب! يلبس نظارة.. وهذه حكر على طبيب المركز الصحي ببلدتنا. هو أطول من أبيه، وهذا في عُرف الطفولة – أيضا – لا يجوز. لسنوات عديدة، ظللت أستيقظ في أحلامي.. جربتني كافة الانتباهات المنامية بكل طريقة… 

غواصو الأحقاف: الرواية ظلّ لغتها!

-”بلكونة” الجمعة، اليوم غير!. لأنّ ضيفنا ومُضيفنا اليوم غير!. خالد الرفاعي، يلبّي الدعوة بكرم، ويتفلّت من شروط “بلكونة” الجمعة بسيل أدبي فاخر!، مبحرًا في قراءة من نوع خاص لرواية أمل الفاران: “غواصو الأحقاف”:•••– 1 –الرواية ظلُّ لغتها.. تتسع معها أو تضيق..لا أقصد هنا لغة النحاة، ولا لغة البلاغيين، بل لغة البناء السردي، القادرة على إيقاد… 

سنيوريتا

يستهل كونديرا روايته “كائن لا تحتمل خفته” باستعادة لفكرة العود الأبدي لنيتشه. في ختام العمل، يوقعني في حيرة سببها توماس الرجل الذي خلقه – بجملة واحدة مدهشة -محدقا في جدار، متذبذبا بين فكرة إثقال حياته بالحب التزاما بامرأة وحيدة (تيريزا) أو الاستمرار خفيفا يقضي كل ليلة مع امرأة مختلفة؟ الحيرة سببها شكي في قدرة التكرار… 

للبيع، موت بسعر التكلفة

قبل أن أموت بثانيتين استيقظت. في الحلم البارد الصامت يزحف الموت نحوي وأتراجع لأنزوي في حضن أمي، حتى في حجرها لم أشعر بأمان. في مواجهته، أغمضت عيني واجتاحتني رغبة بأن أبكي كما لم أبك عمري كله. ما أكمدني حين فتحت عيني – إضافة لصداع يشق رأسي من الأذن للأذن- جزعي في الحلم وأنا أحصي أحلامي… 

الجريمة الكاملة

دون طول انتظار وافق البيت ذي الطراز الفيكتوري على استضافتي . أتممت شهرين بين أثاثه الخشبي، سجاده الإيراني، ستائره الطويلة، ولوحاته العديدة. بعكس الفنادق وغرفها منزوعة الرائحة، تهبني البيوت أناسها وحكاياتهم. هذا البيت فتح بابه قليلا قبل سنتين، وخلالها ظل يستقبل ضيفة أو ضيفتين كل بضعة أشهر: أولا لأن كل جديد في الخدمة مرهوب، وثانيا… 

مكتبة سوق الكباري

  عائدة من لندن، المدينة التي لو كانت كتابا لوجب أن تكون ألف ليلة وليلة، أو كتاب الرمل لبورخيس. لا شيء في المدينة عادي، ولا يتكرر فيها مشهد مرتين. وصلت المدينة أذّكر نفسي بوعد قطعته بكتابة مقال عن القراءة.. وكلما ذكرت الوعد خطرت ببالي أبيات شعر كنت أدرّسها لطالبات الصف الثالث الثانوي في مادة البلاغة… 

فنيس

يورطني أبي بأناسه، يكوي بحكاياتهم رأسي كما يسم بدوي فخذ ناقته. بلسانه يرسم تفصيلا أو اثنين لبطل قصته ويترك باقيهم لأتمه. حين رمى شبح “فنيس” في بطن حديث آسن زحف الرجل مثل ” أم جنيب ” ليندفن في صدري. عن حياة الرجل لم يرو أبي غير خشية عياله أن يموت قبل أن يعرفوا كم لديه… 

آدم ومشعا

قبل ثلاث ليال، تزوجا امرأتهما الجديدة. ستكون هذه الزوجة الثانية عشرة إن لم تخنها الذاكرة. رغم انزعاجها من الأصوات العالية والأضواء لا تغادر قاعة العرس قبل آخر المحتفلين، وفي فراشها العريض تحصي تفاصيل الليلة قبل أن تمنح نفسها وسام التقدير. تعلّمت الكثير خلال خمسة وثلاثين سنة معه، حتى أنها إن ذُكّرت بهفوات البدايات تخلط بينها… 

اثنان

هويدي بن صقعة وزنيفر لن يلتقيا أبدا إلا على هذا الورق. رجلان سكنا بيتا واحدًا، في زمانين مفترقين. في الزمن الأول اشترت الأسرة عبدًا في اليمن، قايضته بتمر، ونذرته لخدمة النخل. حين صار جذع العبد في عرض جذع نخلة قرنوه بعبدة ذاوية. صقعة – مثل كل اليتيمات اللاتي لم يعرفن لمسة أم – عاشت في…