تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » قصص قصيرة » صفحة 2

قصص قصيرة

للبيع، موت بسعر التكلفة

قبل أن أموت بثانيتين استيقظت. في الحلم البارد الصامت يزحف الموت نحوي وأتراجع لأنزوي في حضن أمي، حتى في حجرها لم أشعر بأمان. في مواجهته، أغمضت عيني واجتاحتني رغبة بأن أبكي كما لم أبك عمري كله. ما أكمدني حين فتحت عيني – إضافة لصداع يشق رأسي من الأذن للأذن- جزعي في الحلم وأنا أحصي أحلامي… 

الجريمة الكاملة

دون طول انتظار وافق البيت ذي الطراز الفيكتوري على استضافتي . أتممت شهرين بين أثاثه الخشبي، سجاده الإيراني، ستائره الطويلة، ولوحاته العديدة. بعكس الفنادق وغرفها منزوعة الرائحة، تهبني البيوت أناسها وحكاياتهم. هذا البيت فتح بابه قليلا قبل سنتين، وخلالها ظل يستقبل ضيفة أو ضيفتين كل بضعة أشهر: أولا لأن كل جديد في الخدمة مرهوب، وثانيا… 

فنيس

يورطني أبي بأناسه، يكوي بحكاياتهم رأسي كما يسم بدوي فخذ ناقته. بلسانه يرسم تفصيلا أو اثنين لبطل قصته ويترك باقيهم لأتمه. حين رمى شبح “فنيس” في بطن حديث آسن زحف الرجل مثل ” أم جنيب ” ليندفن في صدري. عن حياة الرجل لم يرو أبي غير خشية عياله أن يموت قبل أن يعرفوا كم لديه… 

آدم ومشعا

قبل ثلاث ليال، تزوجا امرأتهما الجديدة. ستكون هذه الزوجة الثانية عشرة إن لم تخنها الذاكرة. رغم انزعاجها من الأصوات العالية والأضواء لا تغادر قاعة العرس قبل آخر المحتفلين، وفي فراشها العريض تحصي تفاصيل الليلة قبل أن تمنح نفسها وسام التقدير. تعلّمت الكثير خلال خمسة وثلاثين سنة معه، حتى أنها إن ذُكّرت بهفوات البدايات تخلط بينها… 

اثنان

هويدي بن صقعة وزنيفر لن يلتقيا أبدا إلا على هذا الورق. رجلان سكنا بيتا واحدًا، في زمانين مفترقين. في الزمن الأول اشترت الأسرة عبدًا في اليمن، قايضته بتمر، ونذرته لخدمة النخل. حين صار جذع العبد في عرض جذع نخلة قرنوه بعبدة ذاوية. صقعة – مثل كل اليتيمات اللاتي لم يعرفن لمسة أم – عاشت في… 

تهجد

ثلاث شقيقات وابنهن. بيتهن الذي لم يرمم مرة مذ جف اسمنته يتوسط الحي القديم. البيت هادئ، وجدول زيارات الشقيقات صارم كفتحات ثيابهن متقشف مثل زينتهن. أحاديثهن محسوبة وصلواتهن لا تحصى. طبعهن التبسم، أما الضحكات – إن انفلتت – فلها إيقاع ثابت كثلاث خطوات عجلى على سلم شديد الانحدار. ثلاث شقيقات كثلاث بيضات منسية في ثلاجة… 

تسعة أسباب لفشل مشروع أم فهد

  السبب الثاني: الأسر المنتجة – التي تعرفها – تتواصل مع عملائها عبر انستقرام وسناب شات، واشتراك أم فهد بباقة النت انتهى ولا تستطيع تجديده الآن. السبب الثالث: أم فهد مضطرة ” مؤقتا ” للانتقال لبيت أختها أم خالد. بعد موت جدتها ( آخر الخيوط التي تربطها ببيت المزرعة في طرف البلدة ) ليس مقبولا… 

بنت

أنا ميتة. الموت ليس فكرة سيئة في حالتي. لم يبك علي أحد؛ لأن أحدا لم يعرفني. لم تفكر أمي في اسم لي لا مثيل له في محيط قطره ثلاثة أحياء سكنية وأربعة بيوت في مدن بعيدة قد تعود منها شقيقاتها في زيارات خاطفة للبلدة. لم تتخاصم مع أبي حول اسمي، فقد طلقها قبل خمسة عشر… 

مهمة رسمية

  يطرق عيدٌ آخر أيام ظافر الخاوية فينبش ذاكرته الموسيقية الشحيحة. يطورق بأبيات بخوّت ” عيدوا بي في الخلا والفريق معيدين” ويدغم الشطر الخاص بالخضاب وهو يهرش بأظافره الصفراء صدغه. يشتعل حماسه فيطبل براحة كفه على فخذه، مكتب رئيس الرقباء، جدران السجن حتى باب دورات المياه، يختار المغلق منها ولا يتوقف عن التطبيل حتى يسمع… 

غبار وردي

‎مجلس العزاء ينقصه شيء ما. الدموع موجودة ( قد تسيّل شعيبا جافاً لو احتسبنا دموع أمه التي تذرفها من سنة  ) الماء والمناديل الورقية: المناديل لمسح الدموع، والماء لتعويضها في الجسم. ‎حجرتان أثثتا على عجل بنساء وحزن، تنبعث منهما شهقات متوقعة ومفاجئة بين ثانية وأخرى، شهقات كتدريب متوتر وأخير لأفراد فرقة على وشك أن تعزف.…