تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » عادات للتقبيل لعدم القناعة

عادات للتقبيل لعدم القناعة


،– قبل عشرين عاماً

ضحى – الى بيت طيني مشرع الباب ابداً – يصل جمعنا الصاخب الصغير سناً الكثير عدداً,
يتراكض الادنون نسباً صوب المقهاة فيما يتسلل الآخرون (متمسحين بالجدران) صوب المقهاة ايضا,, نتعلق حول الوجار اصابعنا تنوش صحن التمر الكبير، ترده
ملآن وتصدر عنه ملآن بالنوى,
نرتشف آخر قطرة في إبريق الشاي وعيوننا على دلة القهوة, أجرأ الجمع يلتقط فنجانا يسقط من يده مع صيحة ربة البيت التي تقبل عجلى محاولة إنقاذ
مايمكن: القهوة مايشربها الصغار,, اما تدرون ما تفعل فيهم؟!،
نخفض ابصارنا حياءً,, نقبل على المرأة، نقبل رأسها وننسل واحدنا في ساقة الآخر,
في ذاك الزمان كانت القهوة محرمة على الصغار لا خوفاً على صحتهم بل على القهوة التي كانت شحيحة كما يبدو,
،- قبل خمسة عشر عاماً:
القيلولة – عادة – هي الوقت الأنسب لغارات الصعلكة التي كنا نمارسها متقافزين من جدار جار الى ساحة آخر حتى نحط على غنيمة خف وزنها وقلّت – والله –
قيمتها فننهبها لنعود من حيث وفدنا مافينا عضو إلا به اثر من عثرة أو خدش أو رمية بحجر من مسلوب تيقظ قبل الأوان,
هذه الغارات كان الأهل على علم بأطرافها فما منهم إلا مشجع مبارك او ساكت ووالله مافيهم مستهجن فقد كانت السرقة قيمة هذا ما اكدته لي بالأمس عجوز
أبت في لحظة صفاء إلا ان تبوح بجانب من مغامراتها الدارسة, قالت لي: السرقة في زماننا كانت عادة يفرضها الفقر,
حكت العجوز ضاحكة قصة آخر فخذ خروف سرقته (بعد زواجها) قالت: ماقدرت اصد عنه اختطفته، لففته بطرف عباءتي وهربت به, في غرفة علوية ببيتنا قطعته
شرائح ونشرته على الحبل ممنية النفس بوجبات دسمة لليال عدة، فما راعني لما انتهيت إلا عين من ثقب في الحائط تلتهم اللحم نظراً , عرفت غريمتي
فوهبتها بعضه لتسكت لكنها لم تقبل إذ ما ان عدت للحبل الذي تعرّى نصفه حتى طرقت الباب جارة ثانية ثم ثالثة فرابعة حتى لم يتبق لي إلا مايكفي ليلة لاحمة
يتيمة,, وفضيحةصغيرة اعتاد حينا اشباهها,
قبل اثني عشر عاما:
في بلدتي الصغيرة التعطر والتزين للفتاة حرام حرام وعلى من تتوخى رضا المجتمع عنها الا تخرج الا شعثاء غبراء ومن تخالف لا تسلم من استهجان صريح أو
مبطن, اليوم اصغر صغيراتنا تأبى الخروج إلا متزينة متضمخة بالعطور,
قبل ثمان سنوات:
وفي بلدتي – بعد – كانت الأطباق الفضائية الستلايت أكبر الكبائر حتى ان بعض متحمسينا لما أطل اول واحد منها من سطح اجنبي امطروه بالكلاشينكوف
وما تلك منهم بأولى فقبل ثلاثين عاما – كما سمعت – حين صدح اول راديو في اقصى احد المنازل طرقوه بالعصي وكادوا يشبعون الآلة الممسوسة وصاحبها
ضربا لولا تدخل حكيم اقنعهم ان الآلة لما استخدمت له إن خيراً وان شراً,,
اليوم يجدها البعض منقصة ان يدور حوار حول مادة في اية قناة فضائية فلا يشارك فيه جهلاً بما فيه,
وهكذا فنحن نرى اموراً مألوفة يرفضها العقل وتفرضها العادة وأموراً يقبلها العقل وتنبذها العادة,
العادة – حقاً – اقوى من القانون؟!،
بعد عامين:
حين نعاود التبصر في زمننا هذا على اي عاداتنا سنأسف وأيها سننكر؟!،



،* في ديرتي كل غريب عن اهلها يسمى اجنبيا (وتلك عادة قديمة حديثة),،

جريدة الجزيرة
أكتوبر ١٩٩٨
هل تود معرفة كل جديد ؟
يمكنك معرفة آحدث ما تم نشرة أول بأول , كل ما عليك هوا إضافة بريدك الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *