صحوة أولى :
قبل أن تستمر بقراءة كلماتي هذه أريد أن تتوقف لحظة وتستحضر حُلماً رأيته مؤخراً ( ليكن آخر حلم أو أوضح حلم شاهدته في لياليك القليلة الفائتة )
بعد أن تتذكر تفاصيله ستلاحظ أنه يمكن تصنيفه ( الحلم ) إذا قرأته على أنه عمل إبداعي إلى : رمزي ، أو سوريالي ، أو فانتازي ، أو واقعي ..
الآن أريد ( بوصفك قارئاً جيداً ) أن تستحضر الأعمال الأدبية التي قرأتها والتي احتوت ( ولن أقول وظفت ) أحلاماً في سياقاتها ،أريد أن تتساءل مثلي عن هذه الأحلام ، وعن كم الإبداعية فيها ..
صحوة قديمة :
عالم الحلم عالم جميل جداً يمتاح من الأساطير أحياناً ومن الموروث الديني أحياناً ، ويوظف بشكل خالص الإبداعية أبسط تفاصيلنا اليومية ..
وبعض المدارس النفسية تركز على الحلم مدخلاً لفهم النفسيو ولإعادة هندستها أحياناً ..
وفي موروثنا العربي كان رجل عظيم مثل ابن سيرين ينظر للحلم على أنه نص إبداعي يقوم بإرجاع رموزه لأصولها ومرجعياتها في العقلية العربية في التراث الديني ..
غفلة / غفوة آنية :
حين أقرأ أنا أعمالنا الحاضرة أجد أننا نتعامل مع الحلم ( كأداة تعبيرية ) بطريقة فيها الكثير من السذاجة ( إن جاز التجريح ) فنحن نستخدمه حين تعيينا السبل غيره ..
في كتابها ” قضايا الشعر المعاصر ” تحكي نازك الملائكة عن ” التدوير ” عيباً ارتبط بقصيدة التفعيلة ، فحين تنتهي الدفقة الشعورية عند الشاعر ويعجز عن إيقاف سيل الكلمات بطريقة رنانة كما في القصائد العمودية فإنه يلجأ إلى تكرار المقطع الأول في القصيدة مديراً بوصلة الكلام لتعود لنفس نقطة انطلاقها ، وهو عيب أجده مقارباً لما نفعله في بعض أعمالنا حين نكتب القصة بشكل جميل جداً ( أو غير جميل حتى ) ثم حين تنتهي حيلنا الكتابية نجعل البطل يستيقظ من نومه وكأن كل ما سبق كان حلماً وانتهى ، وبذلك يخلص كاتب القصة نفسه من ورطة الخاتمة ، وهو في الحقيقة إنما يظن ذلك .
صحوة مؤجلة :
ما أريد الوصول إليه هو أننا ــ بعدُ ــ لم نستطع الاستفادة من عالم الحلم الساحر في الكتابة الإبداعية ، رغم أن الأحلام صياغات إبداعية جاهزة تنتظر منا توظيفها فقط في أعمالنا ..
قد أكون مخطئة فيما قلت
أتمنى ذلك ، وأتمنى منك يا من تقرأ كلماتي هذه ، وتعرف ما يثبت جهلها وبطلانها أن ترشدني لشواهد من أدبنا تم فيها توظيف الحلم بطريقة تثري العمل وتوسِّع آفاقه ..
نشرته في منتدى شظايا أدبية